الجدل يتجدد في ألمانيا حول ترحيل اللاجئين السوريين بعد حكم قضائي مثير

الجدل يتجدد في ألمانيا حول ترحيل اللاجئين السوريين بعد حكم قضائي مثير
ترحيل اللاجئين السوريين - أرشيف

منحت المحكمة الإدارية في مدينة دوسلدورف الألمانية، الضوء الأخضر لترحيل سوريين اثنين إلى بلدهما، في حكمٍ يُعتبر سابقة قانونية جديدة من شأنها أن تمهّد الطريق أمام الحكومة الاتحادية لإعادة النظر في سياسة اللجوء تجاه السوريين، بعد أكثر من عقد على اندلاع الحرب في بلادهم.

وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أن الرجلين السوريين، المنحدرين من محافظتَي دمشق واللاذقية، لا يواجهان خطرًا "ملموسًا" يهدد حياتهما أو سلامتهما الجسدية في حال عودتهما، معتبرةً أن أعمال العنف في تلك المناطق لم تعد تشكل تهديدًا فرديًا حقيقيًا، بحسب ما ذكر موقع “مهاجر نيوز”، اليوم الخميس. 

وأضافت المحكمة أن الوضع الأمني في المحافظتين مستقر نسبيًا، ولم يُسجَّل أي تدهور يُذكر خلال العام الحالي.

وبرّرت المحكمة قرارها بأن سوريا، رغم استمرار بعض الانتهاكات، لم تعد تشهد العنف العشوائي الذي كان مبررًا رئيسيًا لمنح الحماية الدولية للسوريين في السنوات الماضية. 

وأشارت إلى أن وجود برامج محلية ودولية لإعادة الإدماج، يمنع اعتبار العائدين عرضة للفقر المدقع أو التشرد، مؤكدةً أن "عدم ضمان الحد الأدنى من المعيشة لا يكفي بذاته لوقف الترحيل".

تفاعل رسمي وسياسي

ذكرت المحكمة أن السوريين المعنيين فشلوا سابقًا في الحصول على حق اللجوء في النمسا، وأن الحماية من الترحيل تُمنح فقط في حالات استثنائية، عندما تكون حياة الفرد مهددة بشكل واضح. ويأتي هذا القرار في وقت تتصاعد فيه الدعوات السياسية داخل ألمانيا لإعادة تقييم ملف اللاجئين السوريين.

فقد أكد المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن بلاده لم تعد ترى مبررًا لاستمرار منح اللجوء لمواطني سوريا، مشددًا على أن الحرب الأهلية انتهت، وأن الوقت قد حان لمناقشة "العودة المنظمة". 

بينما أشار وزير الخارجية يوهان فاديفول إلى أن "الحديث عن عودة جماعية لا يزال سابقًا لأوانه"، مبررًا ذلك بالدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية السورية، وغياب الضمانات الإنسانية لعودة آمنة.

الحاجة لإجراءات قانونية

من جانبه، شدّد المتحدث باسم الحكومة شتيفان كورنيليوس على أن قضية إعادة اللاجئين "تتطلب إجراءات قانونية دقيقة تحترم مبادئ دولة القانون"، مضيفًا أن النقاش الدائر في ألمانيا يجب أن يوازن بين المصالح الوطنية والالتزامات الإنسانية.

لم يكن حكم دوسلدورف معزولًا، إذ سبقته أحكام مشابهة من محاكم ألمانية أخرى. ففي سبتمبر الماضي، قضت المحكمة الإدارية في كولونيا بأن "ليس لكل سوري الحق في اللجوء"، في قضية تخص لاجئًا من الحسكة، كما قررت محكمة كارلسروه في مايو أنه "لم يعد هناك مبرر لتجميد النظر في طلبات اللجوء السورية".

هذه القرارات مجتمعة تشير إلى تغير تدريجي في المزاج القضائي والسياسي الألماني حيال ملف اللاجئين، بعد سنوات من استقبال نحو 800 ألف سوري فرّوا من ويلات الحرب.

بُعد إنساني ومخاوف حقوقية

يثير هذا التطور القانوني مخاوف منظمات حقوق الإنسان التي تحذر من أن سوريا لا تزال غير آمنة للعودة، بسبب الاعتقالات التعسفية، والانتهاكات التي توثقها منظمات دولية بشكل مستمر. 

كما يحذر ناشطون من أن إعادة اللاجئين قسرًا قد تُعرّضهم للتوقيف أو الاضطهاد، خاصة أولئك الذين غادروا البلاد في فترات النزاع.

ورغم تأكيد الحكومة الألمانية أن أي عملية ترحيل ستتم "بشكل انتقائي ومدروس"، إلا أن القرار يعيد إلى الواجهة النقاش حول التوازن بين سيادة القانون والالتزامات الأخلاقية، في وقت تواجه فيه أوروبا ضغوطًا متزايدة للحد من موجات الهجرة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية